Third Semester BA/BSc Common Course Arabic Regular & Distance (Sde) 2019 Admission onwards University of Calicut صُنّاع السّعادة - ابراهيم فقي تروي الأسطورة الصينية: أن شيخا أراد أن يعرف الفرق بين السعداء والتّعساء. فذهب وسأل أحد الحكماء قائلا: هل تخبرني ما الفرق بين السعداء والتعساء؟. قاده الحكيم إلى قصر كبير. فما أن نزل إلى البهو حتى شاهد أناسا كثيرين تمتد أمامهم الموائد العامرة بأطايب الطعام. وكانت أجسادهم نحيلة. وتبدو على سِماتهم علامات الجوع. كان كل منهم يمسك بِملعقة ضخمة طولها أربعة أمتار. لكنهم لا يستطيعون أن يأكلوا. فقال الشيخ للحكيم: لقد عرفت هؤلاء: إنهم التعساء. ‏ثم قاده الحكيم إلى قصر آخر. يشبه القصر الأول تماما. وكانت موائده عامرة بأطايب الطعام. وكان الجالسون مبتهجين. تبدو عليهم علامات الصّحة والقوة والنشاط. وكانت في يد كل منهم ملعقة ضخمة طولها أربعة أمتار أيضا. فما أن رآهم الشيخ حتى صرخ قائلا: هؤلاء هم السعداء. ولكني لم أفهم حتى الآن الفرق بين هؤلاء وأولئك؟. ‏ فهمس الحكيم في أذنيه قائلا: ‏السعداء يستخدمون نفس الملاعق .. لا ليأكلو بل ليطعم بعضهم بعضا. ف"الأنا" سبب التعاسة... و"نحن" طريق السعادة. ‏كلنا نعيش هذه الحياة. غير أن كل واحد منا يحياها بطريقة مختلفة. ويتفاعل معها ويراها بشكل مختلف. وبيننا أناس استطاعوا أن يحيوها سعداء. ليس لأنهم نالوا كلّ ما يريدون. بل لأنّهم تعاملوا مع كل ما فيها بحكمة وفن. فذاقوا حلاوتها وخرجوا من بوتقة ذواتهم إلى فضاء العطاء الرحب حين فكروا في الآخرين. في الآباء الذين يأنِسون بهم. وشريك الحياة الذي يعايشونه. والأولاد الذين يربونهم. والأصدقاء والجيران الذين يتعاملون معهم. فلماذا لا نكون أنا وأنت من صُنّاع اللحظات السعيدة لأنفسنا ولكل من حولنا؟. لماذا لا نتجاوز الأنا والذات لنفكر في (هو.. وهم.. ونحن) فالتمرس على الاهتمام بالآخرين والتفكير فيهم. ومحاولة إدخال شيء من محامي السرور والسعادة والبهجة على قلوب أحبائنا مما يرضي ربنا. ويزين دنيانا. ويخرجنا من ظلام أنفسنا إلى أنوار العطاء الرحب.