سَأَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ قَائِلًا: "يَا رَبِّ، كَيْفَ يَأْخُذُ الضَّعِيفُ حَقَّهُ مِنَ القَوِي؟" فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: "اِذْهَبْ بَعْدَ العَصْرِ إِلَى مَكَانِ كَذَا فِي يَوْمِ كَذَا، لِتَرَى وَتَتَعَلَّمَ كَيْفَ يَأْخُذُ الضَّعِيفُ حَقَّهُ مِنَ القَوِي." فَذَهَبَ مُوسَى إِلَى المَكَانِ، فَرَأَى شَلَّالًا مِنَ المَاءِ يَخْرُجُ مِنَ الجَبَلِ. فَجَلَسَ مُتَأَمِّلًا المَكَانَ. إِذَا بِفَارِسٍ يَأْتِي رَاكِبًا نَاقَتَهُ يُرِيدُ المَاءَ. نَزَلَ الفَارِسُ عَنْ رُكُوبَتِهِ، وَخَلَعَ حِزَامَهُ الَّذِي كَانَ يُعِيقُ حَرَكَتَهُ أَثْنَاءَ شُرْبِهِ لِلمَاءِ، وَوَضَعَهُ عَلَى جَانِبٍ قَرِيبٍ. شَرِبَ الفَارِسُ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ اِنْصَرَفَ نَاسِيًا حِزَامَهُ. بَعْدَ قَلِيلٍ، جَاءَ غُلَامٌ صَغِيرٌ رَاكِبًا حِمَارًا إِلَى الشَّلَّالِ، وَاغْتَسَلَ وَشَرِبَ أَيْضًا، ثُمَّ حَمِدَ اللهَ تَعَالَى. عِنْدَمَا أَرَادَ الانْصِرَافَ، وَقَعَتْ عَيْنُهُ عَلَى حِزَامِ الفَارِسِ الَّذِي كَانَ مُمْتَلِئًا بِالذَّهَبِ وَالأَمْوَالِ وَالمُجَوْهَرَاتِ، فَأَخَذَهُ وَانْصَرَفَ. بَعْدَ ذَهَابِهِ بِقَلِيلٍ، أَقْبَلَ شَيْخٌ عَجُوزٌ إِلَى المَاءِ لِيَشْرَبَ وَيَغْتَسِلَ. وَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، جَاءَ الفَارِسُ الَّذِي نَسِيَ حِزَامَهُ، يَبْحَثُ عَنْهُ. فَلَمَّا لَمْ يَجِدْهُ، سَأَلَ الشَّيْخَ: "أَيْنَ الحِزَامُ الَّذِي تَرَكْتُهُ هُنَا؟" فَأَجَابَ الشَّيْخُ: "لَا أَعْلَمُ وَلَمْ أَرَ هُنَا حِزَامًا." فَأَشْهَرَ الفَارِسُ سَيْفَهُ وَقَطَعَ رَأْسَ الشَّيْخِ العَجُوزِ. كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَنْظُرُ وَيَتَأَمَّلُ وَيُفَكِّرُ. قَالَ: "يَا رَبِّ، إِنَّ هَذَا الفَارِسَ ظَلَمَ عَبْدَكَ الشَّيْخَ العَجُوزَ." فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: "يَا مُوسَى، الشَّيْخُ العَجُوزُ كَانَ قَدْ قَتَلَ أَبَا الفَارِسِ مُنْذُ زَمَنٍ، وَأَمَّا الغُلَامُ فَكَانَ أَبُوهُ قَدْ عَمِلَ عِنْدَ وَالِدِ الفَارِسِ عِشْرِينَ سَنَةً وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّهُ. فَالفَارِسُ أَخَذَ بِحَقِّ أَبِيهِ مِنَ الشَّيْخِ، وَالغُلَامُ أَخَذَ بِحَقِّ أَبِيهِ مِنَ الفَارِسِ." سُبْحَانَ مَنْ سَمَّى نَفْسَهُ الحَقَّ، وَلَا تَضِيعُ عِنْدَهُ المَظَالِمُ